متبعة دقيقة ومهنية للأخبار الساخنة لمدينة ازويرات وولاية تيرس زمور. لمراسلتنا: zourate1960@gmail.com هاتف :22237948

الاثنين، 25 فبراير 2013

في فن التربية (الرسم عند الطفل )

بوها ولد محمد عبد الله

ازويرات الآن(مقال)/  يهتم خبراء التربية  في جميع أنحاء العالم  بالبحث عن الطرق الأمثل لتعليم وتهذيب أجيال المستقبل بشكل سليم وعدم انحرافهم عن المسار الدراسي والتربوي. كما أن البحث المستمر لإيجاد طرق جديدة تواكب التطور العلمي المتزايد أمر مطلوب، لنضمن الاستفادة من وسائط الاتصال الحديثة.
أثناء رقابتي على أحد الفصول التي أدرسها، لفت انتباهي  كثرة الرسومات والكتابات على واجهات الطاولات و بعد التمعن فيها تبين لي أنها لغة أخرى يستخدمها الطلاب للتعبير عن مكبوتاتهم ومكنوناتهم، فارتأيت أن أنوه إلى أهمية مراقبة سلوك التلاميذ من خلال هذه الرسومات والخطاطات التي تشكل قاموسا من الرموز الدالة.

فهي تعكس اهتمامات وميول التلاميذ كما قد تجسد صورا لأحداث صنعها الكبار وتركت بصمتها في أذهانهم  كالحروب  مثلا أو ما قد يتعرض له الأطفال من  ضرب مبرح على أيدي مربيهم آباء أو معلمين أو خدم في المنزل، أو مضايقات قد تواجهها الفتاة من قبل المجتمع كالتحرش ونحوه....وعند فك طلاسم هده الرموز السيما-لسانية نكتشف خارطة اهتمامات أطفالنا وما يشغل بالهم.
 فإكراه المتعلمين وأخذهم عنوة إلى التعلم وضربهم ضربا مبرحا قد يكون منفرا أكثر مما هو مرغب فأحسن مناهج التعليم ما تقدم به الرشيد لمعلم ولده: الأحمر: فقال: يا أحمر إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه، فصير يدك عليه مبسوطة  وطاعته لك واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين. أقرئه القرآن وعلمه الأخبار وروه الأشعار وعلمه السنن وبصره بمواقع الكلم وبدائه  وامنعه من الضحك إلا في أوقاته...وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة. إبن خلدون المقدمة، الفصل الأربعون، في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم.
فهذه التعبيرات السيميائية  التي لا تقتصر على الكتابة على الطاولات بل وتظهر على أغلفة الدفاتر و الجدران بل و تتجسد كذلك في وشم على الأجسام أحيانا...
ومع تتبع كرونولوجية هذه الرموز نجدها تبدأ مع الأطفال في المراحل الابتدائية ويكون من الصعب فكها أو تأويلها ويقاس ذلك على ضعف التعبير لدى الأطفال الصغار، لكنها تكون أكثر وضوحا لدى تلاميذ الإعدادية والثانوية وتصبح جلية في توجهات ورأى فكرية جديده يتبنونها، تشكل قطيعة –في الشكل  لا في المضمون- مع الماضي وهذا يقع في جميع المجتمعات وفي كل الأزمنة  يقول عمر ين الخطاب: "لا تكرهوا أبناءكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".
وتعبر هده الأشكال الدالة عن مكنونات التلاميذ وتعني الخروج من أسر الفصول المدرسية لتحقيق طموحاتهم ورغباتهم  في بوح من نوع فريد يكون عند الأولاد في  رسم خطوط طويلة أو رسم عجلات أو كرة قدم أو أرقام لاعبين أو أحرف (باللغة اللاتينية) ترمز لمصارعين وعند البنات تتجسد في رسم أعين شاخصة أو رسم قلوب أو حلي أو اختصارات لأسماء بعض العارضات أو فنانات. كما قد تعكس رسوماتهم أعين دامعة (تعكس ضعف المرأة) أو وجوه بائسة دالة على مشاكل عائلة أو ضغوط نفسية تمارس على الأطفال، أو بشكل عفوي عند رسم  أشكال وجبات...
وهو ما  يضع تحديا كبيرا أمام المؤسسات التربوية في توفير برامج دراسية متكاملة، كإيجاد برامج رياضية وترفيهية إلى جانب البرامج التعليمية...
وعند اكتشاف سلوكيات غير لائقة  مهما تكن الطريقة التي عبر التلاميذ من خلالها ينبغي  أن يكون النصح بالتعريض لا بالتصريح لأن التعريض يؤثر في الزجر" كما يقول أبو حامد الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين"
كما لا تغيب عن تعابير التلاميذ  أيضا، ترجمة ما يدور في العالم من دمار وسفك للدماء، برسم دبابات أو أسلحة وغيرها مما قد يجعل الطفل يميل على العدوانية تجاه زملائه. كما تظهر إلى جانب هذه الأسلحة دمار للمنازل السكنية أو أشلاء جثث. وهي أفعال الكبار تترك بصمتها في أذهان الأطفال.
كما قد نجدها عند تلاميذ آخرين في مقاومة العدوان الاستعماري في شكل رسومات تنشد الحرية كرسومات أطفال الحجارة في فلسطين مثلا وقد تكون في مقاومتهم للفكر -من حيث لا يشعرون- كالفكر المالتوسي الذي  يعبر عن كبح النمو السكاني فنجد رسومات  الأطفال في البلدان المالتوسية  يغلب عليها الحنين لأخ أو أخت ...

بهذا ندرك أن متابعة  هذا النوع من التعابير يمكن ان يساهم في اكتشاف مواهبهم ومهاراتهم واهتماماتهم، مما يسهل علينا وضع برامج تربوية أكثر فاعلية، إن وجدت لإرادة لذلك...

بوها ولد محمد عبد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق